الريح تزمجر بالخارج
ريح الليل تحمل أنينا كثيرا .. وتحملنا الكثير من المشاعر
أحيانا نتمنى أن تكون حياتنا أشرطة فيديو نستطيع أن نعيد أي جزء منها بضغطة زر
بل أن نعيد تكرار جزء معين وإعادة عيشه كثيرا دون أن نمل ، وكذلك أن نتجاوز بضغطة
زر للأمام جميع ما يؤلم وما يوجع من أوقات ، بل حتى أن نتجاوز الأوقات المحايدة التي
لا تقدم ولا تؤخر 0
ربما لو كانت حياتنا فعلا أشرطة فيديو خاضعة للتحكم اليدوي لما بارحنا فترات معينة منها
كلما ابتعد عنها الشريط قليلا ضغطنا زر الإعادة 0
هل ممكن إذا ضغطنا زر الإعادة مرارا وتكرارا أن نملها بعد ذلك ؟ سؤال يطرح نفسه
أي هل أحببنا تلك الفترات لأنها حدثت مرة واحدة - وإن كان امتدادها على سنوات -
وهل سنملها لو ظللنا نعيدها ونعيدها لأن الانسان ملول بطبعه وإنما اشتياقنا لها لأنها عيشت
مرة واحدة وليس مائة مرة ؟
وهل لو خيرنا بين أن نعيشها من جديد أو أن نحتفظ بأوجه سعادتنا الحالية التي لاتقل عنها
أهمية ومكانة سنختار العودة أم سنكتفي بأن عشناها ذات يوم وتلك نعمة ونحتفظ بسعادتنا الحالية ؟
أم أننا نفتقد أشخاصها فقط ونود لوكانوا معنا الآن بمعطيات حياتنا الحالية ؟
الريح تئن كحيوان جريح ، والظلام يطل من النافذة .. يخبرنا العارفون بأن أمطارا قادمة وبردا
ورياحا سيبيرية خلال الأيام القليلة المقبلة 0
هناك قطريون بيوتهم خربة وأسقفهم منهارة ، وهناك غير قطريين بيوتهم خربة وأسقفهم مهلهلة
أتراهم يئنون مع الرياح ويسقطون مع المطر ، أتراهم يحنون لإعادة الشريط لفترات مضيئة ومريحة
في حيواتهم ليس بها صرير نوافذ ولا أنين رياح ولا بكاء مطر ولا دمعات حرى تسقط بصمت على
مخدة هاجعة في جنح الظلام 0
لصوت العواصف وظلام الليل حين يتحدان تأثير على استشعار الوعي في الانسان ، ماذا لو قمت بفتح النافذة
وتركت الريح تدلف بقوة ترفع الستارة وتغمرني بسحابة من الانتشاء والاستغراب وتهديني ما تحمله من مشاعر
متناقضة 0
هل زمجرة الرياح ودوي الرعود بل تفجر الرعود ووميض البروق في الليالي المظلمة المنذرة بالأمطار هو أحد
ما نود إعادته من مشاهد في أشرطة حيواتنا ؟ .. لا أعتقد ، سوى أن لهذا الوقت مذاق ورهبة حين يأتي 0
أعذرني أيها القارىء على تهاويمي الليلية حيث لم يبق من صحوي سوى بضع نقاط صببتها لك في هذه الكلمات
وقد خالطها النعاس .. فلتصبح على صباح مشرق أو غائم رائع بعد زمجرة رياح ليلة موحشة 0
ليلة الخميس 4-2-2010