ديوان كلمات وصور متوفر حاليا بمكتبة الإنارة (الوكرة) / دار الثقافة - قطر / مكتبة الربيعان - الكويت

ديوان كلمات وصور متوفر حاليا بمكتبة الإنارة (الوكرة) / دار الثقافة - قطر /  مكتبة الربيعان - الكويت
غلاف ديوان ( كلمات وصور - الجزء الثاني ) أشعار و صور فوتوغرافية

الخميس، 2 مايو 2013

لقاء مع القاصة د. هدى النعيمي


قالت لـ «العرب»: إن القراءة عامل أساسي في تشكيل هويتي الإبداعية
هدى النعيمي: أتمنى أن نحظى يوماً ما بجمعية لاتحاد الكتاب في قطر
حوار: سهلة آل سعد | 2013-03-05
هدى النعيمي: أتمنى أن نحظى يوماً ما بجمعية لاتحاد الكتاب في قطر
الدكتورة هدى النعيمي شخصية أدبية علمية هادئة، تقودك بوعي وتبسيط عبر دهاليز مجالها, علم الفيزياء النووية، لتجعلك تسائل نفسك، لم يرعبنا المسمى (الفيزياء النووية) والمضمون بهذا الجذب والتشويق، بل لربما لمت نفسك لعدم استكشافك هذا المجال العلمي الشيق سابقا، د.هدى مبدعة أخرى ممن درسوا العلوم وبرزوا في الأدب كان لنا معها هذا اللقاء الممزوج بعبق الفيزياء:

• من هدى النعيمي؟ كيف تعرفين نفسك للقارئ؟
- امرأة عربية، تعي حقوقها كامرأة وكمواطنة وتطالب بالاعتراف بها كائنا غير منقوص الأهلية، سواء في حق المواطنة أو حق الحياة الكريمة للأنثى التي هي أنا. في سبيل ذلك وكي أكون أهلا للمطالبة بالحقوق لا بد أن أعترف أولا بالواجب نحو الوطن والانتماء, كما يجب أن أعترف بالواجب نحو الإنسانية وواجب المشاركة في بناء حياة أفضل للأجيال القادمة التي تبدأ حياتها من حيث شيدنا وأعددنا لها. ما بين الحقوق والواجبات أعيش أيامي إنسانة بسيطة لكنها تعي ما يحيط بها ولا تنعزل عن الآخر الذي يسهم أيضاً في البناء.

• بما أننا في عصر «النت» والفضاء الإلكتروني، برأيك ماذا قدم عالم الإنترنت للأدب.. هل ساعده أم سلب منه قرَّاءه؟
- سؤال مهم ودقيق يحتاج إلى دقة في الإجابة. بالطبع عالم التواصل الإلكتروني اليوم بات من أخطر وسائل التكنولوجيا وأثر إيجابا بالدرجة الأولى على حياة كل البشر من دون استثناء, حتى إننا نلهث وراء هذا التقدم المثير، وعالم الأدب جزء من مكونات الحياة لا بد له من أن يتأثر بوسائل الاتصال الحديثة, فالنشر الإلكتروني اليوم في الصدارة ولا بد لكل صحيفة ورقية من موقع إلكتروني متميز أيضاً للتواصل مع قرائها اللذين يفضلون القراءة من «الآي باد» مثلا، كما أن الكتاب الإلكتروني صار جهازا خفيفا في حجم اليد, يحتمل آلافا مؤلفة من العناوين، ولكن هل بالفعل سرق هذا الكتاب الحديث القارئ من متابعة صفحات الصحف اليومية أو الكتاب الورقي؟ لا أعتقد ذلك, فالصحف الورقية لها مكانتها وإن قل توزيعها كما أن للكتاب الورقي مكانته التي لا يمكن المساس بها لدى القارئ الذي اعتاد على احتضان كتابه أو تصفح الجريدة مع كوب القهوة في الصباح، أما بالنسبة للكتابة والكاتب فقد صار بمقدوره التواصل مع قرائه دون اشتراطات دور النشر أو تحمل تكاليف الطباعة الباهظة أحيانا، من ناحية أخرى فالفضاء الإلكتروني يتسع للجميع دون رقيب أو راصد لحركة النشر، وصارت المنتديات وعاء يتحمل كل الكتابات لتصب فيه دون رعاية لجودة الكتابة أو نوعيتها، وهنا صار العبء على القارئ الحصيف لينتقي مما ينشر في الفضاء الإلكتروني من كتابات إبداعية كانت أو إخبارية أو تحليلية، فهل نستطيع بعد هذا أن نحدد هل التأثر سلبي أم إيجابي؟ إنها عملية نسبية ولنحدد أولا زاوية النظر قبل الإجابة, فما هو سلبي لزيد قد لا يكون كذلك لفاطمة والاثنان في الفضاء الإلكتروني.

• من هم أو من هنَّ شخوص قصصك ومن أين تستجلبينهم؟ من قعر الذاكرة أم من سطحها القريب أم هي شخوص حية ماثلة أمامك لحظة الكتابة عنها؟
- إذا قلت لك لا أعرف فأرجو أن تصدقيني. أعتقد أن كل هذا وارد ومحتمل لكنني لا أملك مخزونا للشخصيات لأستدعي إحداها وقتما أشاء، لكن الشخصية تتجسد بشكل تلقائي أمامي وتفرض نفسها حتى تتم كتابتها لتصمت، إنها في الحقيقة حكاية مثيرة حكاية الكتابة الإبداعية، تكاد تهزمك أحيانا وأحيانا تكون هي المهزومة أمام صراخ آخر تأتي به الحياة من جانب آخر، أحيانا لا يستطيع الكاتب تحمل انهزام حبيبته «الكتابة» فينهض لمساعدتها وهو يراها تصرخ في وجهه أنها لا تزال حية، أكرر أن الشخصيات بالفعل قد تكون مما صادفنا ذات يوم في مكان ما أو قد تكون مستوحاة من قصص مقروءة أو حكاية مسموعة أو يبتكرها العقل الخلاق، لكن إذا كان الكاتب مبدعا حقا فإن هذه الشخصية تصادف تطابقا مع شخص آخر ربما يعيش على الناحية الأخرى من كوكب الأرض, ولكن الإنسان يستشعر معاناة الإنسان ويرصدها كتابة أو فنا إذا كان مبدعا ويتأثر بالإنسانية بكافة تجلياتها.

• ما المؤثرات التي أثرت في د.هدى النعيمي وشكّلتها كاتبة قصة قصيرة؟
- القراءة بلا شك هي العامل الأساسي في تشكيل هويتي الإبداعية. القراءة ليست في عالم الأدب فقط ولكن في شتى المعارف والعلوم الإنسانية, إضافة إلى الاحتكاك بالبشر وعدم الانعزالية، وأما العامل المؤثر وبشدة فهو السفر والتنقل والتعرف على حضارات أخرى, وحضارات كانت في يوم ما تسود العالم, واليوم تبقى منها أشياء تحكي ما كان، والقراءة والسفر عاملان مهمان بالنسبة لي للكتابة.

• للدكتورة هدى النعيمي أربع مجموعات قصصية أثنى عليها النقاد، لِمَ لمْ تتجه لكتابة الرواية مثلا وهي الشكل الأدبي الأكثر انتشارا في الألفية الجديدة, والأفسح تعبيرا إن جاز القول؟
- الرواية هي الأكثر انتشاراً. نعم هذا صحيح، ولذلك ظلمت القصة القصيرة جدا في السنوات الأخيرة, وساد الحديث عن أن الكاتب المبدع هو الروائي وليس الكاتب القصصي، لا تزال الرواية مشروعا سوف أتفرغ له يوما, ولكنني لا أعتقد أن عدم كتابة الرواية يشكل نقصا في العملية الإبداعية، فانتشار الرواية يعود إلى تركيز النقاد والصفحات الثقافية على إبرازها وإبراز الجديد منها, هذا إضافة إلى السينما والدراما التلفزيونية التي حولت العديد من الروايات إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية, مما يعطي الكاتب انتشارا واسعا, وعدد كبير ممن تعرف على روايته تعرف عليها من خلال الشاشة لا الكتاب, ونعلم أننا في المجتمع العربي يبتعد المتلقي فيه عن الكتاب, في حين يتزاحم الملايين أمام شاشة التلفاز أو الشاشة الكبيرة, وهنا تزداد شهرة الكاتب ومكسبه المادي أيضاً, ولا ننسى الجوائز الأدبية الكثيرة التي خصصت للرواية دون القصة القصيرة.. 

• ألا تعتقدين معي أن القصة القصيرة قد ظلمت؟!
- لا أعتقد أنها ظلمت ولكن الجرعة الشعورية والعاطفية المقدمة في كل منهما كما ونوعا وأمدا متباينة، فالرواية أطول في مساحتها الزمنية وبالتالي أكثر وأطول أثرا, وأمدَّ تأثيرا نفسيا
• لمن تقرأين يا دكتورة؟ وبمن تأثرت من الأدباء؟
- كي أكون أمينة في الإجابة أقول لك إنني تأثرت بكل ما قرأت، نعم فالقراءة تضيف إليك دوما شيئا جديدا مهما كان مستواها الفني, فهي نوع من المعرفة, ونوع من الثقافة يزيد من الرصيد الأدبي الذي يجب أن تمتلكه كي تمتلك أدوات الكتابة، إنما هؤلاء الكتاب اللذين أخرج من عباءتهم فبالتأكيد يوسف إدريس أولا, وقد قرأت له من مكتبة المدرسة الإعدادية والثانوية الكثير من القصص والروايات، وما إن انفتحت أمامي مكتبات أخرى وآفاق أخرى لاختيار الكتاب الذي اقرأ فقد صار الكاتب السوري الكبير زكريا تامر أهم من قرأت له في مجال القصة القصيرة, ولا أزال أتابع تعليقاته الإبداعية حول الثورة السورية على شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك، كما أسعدتني الظروف بلقائه في الدوحة قبل أشهر في زيارة له إلى قطر لمدة أيام، زكريا تامر نموذج للكاتب المبدع المخلص لفن القصة القصيرة ولا يزال عطاؤه مستمرا وإن كرس إنتاجه الأدبي حاليا لدعم الثورة السورية لأنها الحق الساطع الذي لا يخفي على من يرى.

• العمود الصحافي أحد أشكال الكتابة التي انتهجها أغلب الأدباء من جوانب عدة.. أين أنت من العمود الصحافي, وما سبب ابتعادك عنه؟
- في الحقيقة لم أبتعد عن هذا النوع من الكتابة وخضت تجربة كتابة العمود الصحافي عدة مرات، فقد كتبت لأكثر من عام في صحيفة اليوم السعودية, وكتبت عمودا لأكثر من عام أيضاً في صحيفة الزمان التي تصدر في لندن، كما كتبت عمودا أسبوعيا في الراية القطرية خلال فترة ترؤسي للقسم الثقافي عام 2008، هي تجربة مثيرة, ولكن ليس بالضرورة أن يمتهنها الكاتب المبدع والذي يحتفظ ويختزن بالصور والمشاهد إلى لحظة ولادة النص الإبداعي الذي قد يأخذ أي قالب، قصة قصيرة أو خاطرة أو رواية، أعتقد أن كتابة العمود قد تسرق المبدع من الكتابة الإبداعية, إضافة إلى أنها التزام أسبوعي, وقد يكون يوميا مما يعرقل عملية الإبداع التي قد تحتاج إلى وقت أطول لتتشكل، على العموم هذا رأيي الخاص, وقد تتناسب كتابة العمود الصحافي مع آخرين, فأصحاب القلم ليسوا سواسية ولكل في الكتابة مشربه.

• أوافقك في هذا فالكتابة الصحافية تسرق الوقت والجهد وتساعد في إبعاد المبدع عن إبداعه ليفرغ ما بجعبته فيها، فما رأيك في دور الدولة ممثلة في وزارة الثقافة في دعم الأدب والأدباء؟
- أعلم أن الانتقادات كثيرة جدا حول دور وزارة الثقافة والفنون والتراث في قطر في هذه القضية، ولكنني ومنذ زمن قد أعلنت عن رأيي في هذا المجال, وهو عدم تعليق إحباطاتنا ككتاب أو أدباء على المؤسسة الرسمية سواء كانت وزارة أو هيئة ثقافية، سواء داخل قطر أو خارجها، عادة للمؤسسة الرسمية دورها في الدولة, وتعمل على تحقيقه من خلال مجموعة من الموظفين, وهم في النهاية يؤدون وظيفة رسمية كما لكل منا وظيفة يعيش منها، ولا نتوقع من المؤسسة الرسمية أن تدخل في أدمغتنا لتقرأ كل ما نفكر فيه ونأمله منها فهو كثير ولا يجب التعويل عليه، وللكتاب كما يعلم الجميع مزاج مختلف وهو ذو طبيعة خاصة، وإرضاء هؤلاء جميعا عصي على أية وزارة أو مؤسسة ثقافية, كائنا من كان من يجلس على قمة هرمها، وفي ظل هذا الرأي العام أقيم الدور الذي تقوم به وزارة الثقافة في قطر وأرى أنه جيد جدا في ظل المعطيات، فقد حاولت وتحاول إشراك كل أصحاب القلم والفكر في كل الفعاليات الثقافية داخل وخارج الدولة، كما أن الوزارة طبعت عددا كبيرا جدا من الكتب والإصدارات الإبداعية للقطريين, وقد أدعي أنه لا يوجد كاتب قطري لم تقم وزارة الثقافة القطرية بطباعة إصدار واحد على الأقل له، ولا يخفى على أحد الجهد الذي بذل في إنجاح عام 2010 لاختيار الدوحة عاصمة للثقافة العربية، حيث تنوعت الفعاليات الفنية والثقافية على امتداد العام, وكل هذه الفعاليات تصب في نهاية الأمر لخدمة الأديب الذي لا بد أن يختزن صورا عديدة ومعارف عديدة ليثري العملية الإبداعية، أقصد أن خدمة الأديب ليست في طباعة الكتاب فقط, ولكن في إثراء ثقافته العامة, وهذا ما تعمل عليه الوزارة, ليس خلال عام 2010 فقط ولكن بشكل متواصل, وللحق لا بد من نسبة الحق لأصحابه فوزارة الثقافة منذ نشأتها عام 2008 على أنقاض تركة ثقيلة مما تركه لها المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، وهي تعمل جاهدة تحت قيادة جادة من الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة القطري محاولا إرضاء جميع الأطراف, وهو هدف لعمرك صعب المنال، لكن المحاولات جارية بشكل مستمر.
• يحتاج المبدع وقتا لإبداعه وهو بلا شك يحتاج تقديرا لعطائه، ما رأيك فيما يحصل عليه المبدعون ومنهم الأدباء والكتاب من تكريم, وأخص بالذكر الجائزة العربية للرواية العربية والتي تم اختيارك لعضوية لجنة التحكيم فيها في دورتها الخامسة عام 2011, إلى أي مدى تعتبر تكريما للأدب العربي؟
- نعم، قضية التكريم هذه قضية حرجة وحساسة والفعل فيها قد يصادف رد فعل أكثر قوة وقسوة من الفعل نفسه, ومن أطراف واتجاهات لم تكن أصلا داخل المعادلة، مما يتنافى مع قانون الطبيعة الذي يفترض أن «لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد في الاتجاه»، لكن في قضايا التكريم والجوائز في عالم الأدب، فالفعل يخضع للذوق الخاص وهذه هي طبيعة الأدب في الأساس، فلا معادلات ولا تفاعلات كيميائية محدودة ومرصودة تتوقع منها نتائج معروفة بحكم التجارب السابقة، ففي السنوات الأخيرة ومع زيادة أو ارتفاع نسبة الإنتاج الإبداعي في العالم العربي، وانتشار دور النشر التي كانت محدودة جدا قبل سنوات قليلة، حيث ساعد ذلك على زيادة الإنتاج الإبداعي المنشور، دون التعرض إلى الجانب السلبي من هذا الانتشار, فقد واكب ذلك عدد من الجوائز والتكريمات من مؤسسات ثقافية انبثقت على امتداد مساحة العالم العربي، منها جوائز البابطين في الكويت والعويس في دولة الإمارات وتيمور في جمهورية مصر أو جائزة أدب الطفل في قطر وغيرها من جوائز تتسع لكل الكتاب العرب على امتداد العالم العربي، وهذه الجوائز أسهمت بالتأكيد في التعريف بالكتابات الجيدة والتي قد يصعب على القارئ العادي التعرف عليها مع هذا الزخم في الكتابات الإبداعية المنشورة، وبالتالي فإن الجائزة أو التكريم يعني وضع الكاتب في مكانه الصحيح أمام القراء المشتاقين للكتابة الجيدة، أليس هذا هو التكريم الذي يطمح إليه أي كاتب عربي أو غير عربي! من هنا أيضاً كانت أهمية الجائرة العربية للرواية العربية والتي عرفت إعلاميا باسم جائزة «البوكر العالمية»، وهي كما هو معروف مدعومة من مؤسسة الإمارات وباعتراف من مؤسسة «مان بوكر» البريطانية والتي تحظى بشعبية عالمية اليوم، حيث تقدم في كل عام رواية تعتبرها متميزة بين كل ما نشر خلال عام كامل باللغة الإنجليزية، وبالمناسبة فقد فازت بها امرأة للمرة الثانية هذا العام وهي الكاتبة البريطانية هيلاري مانتل لتصبح بذلك أول امرأة كاتبة ببريطانيا تفوز بهذه الجائزة أكثر من مرة، وقد فازت مانتل بهذه الجائزة لأول مرة عام 2009، لتفوز بها مرة ثانية عام 2012 عن كتابها «طرح الأجسام» وهو المجلد الثاني من ثلاثية حول توماس كرومويل وهنري الثامن، وقد كان من أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة، من هنا أقول إن الجوائز الأدبية تمثل تكريما للكاتب بتوصيله إلى القارئ في كل مكان, كما هي تكريم للناشر الذي يحرص على تقديم الكتابة الجيدة للمتلقي أيضاً, وعلى العموم فقد كانت تجربتي في تحكيم هذه الجائزة العالمية من الأعمال التي أعتز بالقيام بها.

• أين الناشر في قطر يا دكتورة؟ أين دور النشر الداعمة للأدب والمحركة لمياهه الراكدة؟
- فعلا لقد لمست بسؤالك هذا نقطة هامة ومؤثرة للكاتب والمبدع القطري، نعم لا يوجد لدينا في قطر ناشر مستقل عن المؤسسات الثقافية الرسمية يتبنى النشر للمبدع القطري مما يكفيه عبء البحث عن ناشر خارج دولته، ونعلم أن عملية النشر مكلفة, مما يحدو بالناشر للبحث عن مسألة الربحية وهذه تتعلق بعملية التوزيع التالية للنشر, وبالعلاقات العامة مع جهات ثقافية مختلفة في بقاع شتى لتحقيق الربح غير المبالغ فيه، فهل نجد بين مثقفينا من يتبنى هذه الفكرة؟! نتمنى ذلك.
• الدوحة عاصمة الثقافة هل كانت على مستوى التوقع والتطلعات؟ وهل الحال فعلا كما قال الدكتور علي الكبيسي رئيس تحرير مجلة الدوحة في حديث إذاعي من أن شعار الثقافة وطن والدوحة عاصمتها صحيح ومنطبق على واقع الحال؟
- ذكرت سابقا أن وزارة الثقافة قدمت الكثير خلال عام 2010 لتصير الدوحة عاصمة الثقافة العربية وأعتقد بالفعل أن الدوحة قد نجحت في تقديم صورة مشرفة خلال 2010, وعملت جاهدة لإنجاح هذه التظاهرة الثقافية الهامة، وأما شعار»الثقافة وطنا والدوحة عاصمة» فهو شعار جميل, ولكنه مبالغة بلا شك ولا يجب أن تأخذنا الحماسة للوطن وحب الوطن, لنذهب بعيدا عن الواقع، للآخرين آراؤهم ولي رأيي الذي لا أخشى إعلانه.

• ما رأيك في تجميد جمعية الأدباء القطرية؟
- بصراحة هذا السؤال مصيدة! وأنا أرد عليه بسؤال آخر: ومتى وجدت جمعية الأدباء القطرية حتى يتم تجميدها؟ لقد كانت هناك محاولات من عدد من الكتاب الذين تحمسوا لهذا المشروع بالفعل, ولكن جهودهم اصطدمت بعدد من العراقيل بعضها بيروقراطية وبعضها سببه الأجندات الخاصة التي تعرقل كل فعل للصالح العام، وكلا السببين كفيل بتعطيل أي مشروع مهما كان نبيلا، وأنا كآخرين أتمنى أن تزول هذه العراقيل ونحظى يوما ما بجمعية للأدباء أو اتحاد للكتاب في قطر أسوة بكل دول المنطقة والعالم العربي.

• في المجال الصحي حصلت الدكتورة هدى النعيمي على تكريم دولي من مؤسسة «أوفيشيال»، ماذا بشأن المجال القصصي؟
- التكريم الحقيقي هو ما يحصل عليه الكاتب من القراء, وأعتقد أنني أصل إلى القارئ من خلال سطوري، ولا أسعى إلى أكثر من ذلك، وحين جاء اختياري لتكريم ما مثلما حدث من قبل تكريم أوفيشال العالمية التي تهتم بشؤون المرأة العاملة، أسعدني ذلك بالطبع، وإن لم يكن في تلك المجالات, فالكتابة ملاذي وسكني الذي اختار والتكريم الذي أشتهي، وبالعودة إلى جائزة البوكر العربية العالمية والتي كان لي شرف عضوية لجنة التحكيم فيها هذا العام كممثلة للذائقة الثقافية في منطقة الخليج، فقد كان هذا الاختيار لي كعضو محكم ضمن أربع أعضاء فقط من أطراف العالم العربي, إضافة إلى عضو يمثل الذوق الاستشراقي، هذا الاختيار البعيد عن المحسوبيات في تقديري تكريم كبير من مؤسسة عالمية لا نفع لها إلا النفع الثقافي العام والذي يصب في كفة الكاتب والمتلقي معا.

• ما رأيك في جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية أترينها كافية؟ أم أن هناك حاجة لتبني جهات أخرى كالمؤسسات أدوارا أكثر فاعلية في المجتمع عبر قنوات منها تكريم مبدعيه؟
- جائزتا الدولة التشجيعية والتقديرية في قطر من النتاج الإيجابي للمجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث المنحل عام 2008, ولكن اقتراح الجائزة كان قد رفع إلى مجلس الوزراء قبل ذلك, وكان لي شرف العمل في إعداد مشروع القانون خلال عضويتي بالمجلس من 2004 إلى 2008, وعندما تصير الجائزة واقعا ملموسا فإنني أشعر بالفرح والفخر بالجهد الذي قدمته يوما ما في إعداد مشروع الجائزة المقدم للدولة، فقد كانت قطر قبل ذلك خالية من أية جوائز للمبدعين بأي مجال، ولكن جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية لا تختص فقط بالإبداع أو الفنون, بل هي تشمل كل النواحي العلمية والعملية, والتي تقع أيضاً تحت تصنيف الإبداع الذي لا يمكن حصره في الكتابة فقط، ثم جاءت أيضاً جائزة أدب الطفل التي تقدمت بها مؤسسة قطر في الدورة الأولى تحت رعاية الشيخة موزا بنت ناصر حرم سمو أمير البلاد المفدى، ثم تم تحويلها إلى رعاية وزارة الثقافة والفنون والتراث، لأنها الجهة المختصة، وهاتان الجائزتان لا يجب الاستهانة بهما إذا قدرنا أن الإنتاج الإبداعي في قطر ليس بالمزدحم, مقارنة بدول أخرى جارة لنا كالسعودية مثلا، ففي السعودية عدد من الجوائز تقدمها النوادي الأدبية التي نفتقر لها هنا بالدوحة، لكن من جانب آخر فإن الإنتاج الأدبي غزير بالنسبة للإنتاج الأدبي في قطر، آخذين في الاعتبار امتداد المساحة وعدد السكان في السعودية، أنا لا أقول هذا لأبرر عدم أهمية مؤسسات تكرم المبدع على اختلاف شكل التكريم, وكل جهد في هذا الاتجاه سواء كان من المؤسسات الرسمية بالدولة أو المؤسسات الثقافية هو جهد مشكور ومبارك، وندعو دوما ولا نزال ندعو إليه للنهوض بالعملية الإبداعية.

• د.هدى ما العلاقة بين الطب والأدب؟ نلاحظ أن كثيرا من الأسماء اللامعة في سماء الأدب لأطباء، على سبيل المثال د.مصطفى محمود وهو غني عن التعريف، د.عبدالسلام العجيلي، محمد المنسي قنديل، نجيب الكيلاني, رجاء الصانع, وبالطبع هدى النعيمي، ما السر يا ترى في هذا الرابط ما بين الطب والأدب؟
- ليست هناك علاقة مباشرة بين التخصص العلمي والكتابة الأدبية، فكما ذكرت هناك أسماء كثيرة تجمع بين التخصص العلمي الأكاديمي في الطب أو الهندسة أو حتى العمل الدبلوماسي, لكنها أسماء تلمع في سماء الإبداع الأدبي، أعتقد أن ما يحرك المبدع هو الإحساس بالكلمة وجمالياتها, ولأنه يملك ما يقوله ولأنه يملك أدوات التعبير المتمثلة في الكتابة الإبداعية، وقد تساعد طبيعة العمل أو التخصص مثل دراسة الأدب أو العمل في مجال الصحافة مثلا على تنمية حرفة الكتابة تلك, ولكنها لا تبقى حكرا على من يمتهن العمل الصحافي أو الأكاديمي بالتأكيد، فالقراءة كما ذكرنا في سؤال سابق تمكن صاحب الكلمة من تملك الأدوات, وإذا كان التخصص علميا بحتا مثل حالتي وأنا متخصصة في الفيزياء النووية كما تعلمين، فأعتقد في هذه الحالة يتم التعامل مع الكتابة بحرفية عالية وبجدية عالية وتركيز عال، فهي ليست من كماليات الحياة وليست ترفاً ولكنها عمل مجهد, والكاتب ملتزم بكل كلمة يسطرها أو ينطقها كالطبيب الملتزم بكل حركة أو كلمة تصدر منه أمام المريض المسؤول عنه، ربما من هنا نرى أن هؤلاء الذين يجمعون بين التخصص العلمي والكتابة يبرعون في كل النواحي لجدية تناول الأمور, بما فيها الإبداع، فإما كتابة جيدة تستحق التقديم للقارئ وإما فلا لزوم لها.

• كلمة أخيرة
- شكرا على اللقاء, وكلمتي الأخيرة أوجهها للجيل الشاب بالاهتمام بالقراءة لأنها البوابة الواسعة لمعرفة العالم وهي البوابة السحرية لمتعة حقيقية لا يعرفها إلا من غرق بين بحورها العسلية، إن متعة القراءة من الواجب التشجيع عليها بكل الوسائل وهذه مهمة ملقاة على كاهل الأسرة كما هي ملقاة على كاهل المؤسسات الرسمية سواء وزارة الثقافة أو المؤسسات التعليمية وغيرها، إنها تحتاج إلى جهود مضاعفة من كل الجهات لغرس هذه الهواية/الحرفة والتي من خلالها سنجد جيلا واعيا من الكتاب ومن القراء على حد سواء, فالقراءة هي البذرة الحقيقية لتطور الشخصية مهما كانت طبيعة المهنة في المستقبل.

ليست هناك تعليقات: